ذكر إرسال شجاع بن وهب «١» الأسدى إلى الحارث بن أبى شمر
قالوا: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شجاع بن وهب الأسدى، إلى الحارث بن أبى شمر الغسّانى، ملك البلقاء من أرض الشام، يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتابا، قال شجاع: فأتيته وهو بغوطة دمشق، وهو مشغول بتهيئة الأنزال «٢» والألطاف لقيصر، وهو جاء من حمص إلى إيلياء، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة، فقلت لحاجبه: إنى رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه، فقال:
لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا. وجعل حاجبه- وكان روميّا اسمه مرى «٣» - يسألنى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكنت أحدّثه عن صفته، وما يدعو إليه، فيرقّ حتى يغلبه البكاء، ويقول: إنى قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبىّ بعينه، فأنا أو من به وأصدّقه، وأخاف من الحارث أن يقتلنى، وكان يكرمنى ويحسن ضيافتى، وخرج الحارث يوما فجلس، ووضع التّاج على رأسه، فأذن لى عليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقرأه ثم رمى به، وقال: من ينتزع منّى ملكى؟ أنا سائر إليه، ولو كان باليمن جئته، علىّ بالناس! فلم يزل يفرض «٤» حتى قام، وأمر بالخيول تنعل، ثم قال: أخبر صاحبك ما ترى.
وكتب إلى قيصر يخبره خبرى وما عزم عليه، فكتب إليه قيصر: ألا تسير إليه، واله عنه، ووافنى بإيلياء. فلما جاءه جواب كتابه دعانى فقال لى: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت: غدا، فأمر لى بمائة مثقال ذهب، ووصلنى مرى،