للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل]

وانفصال الأمير حسام الدين مهنّا، ودخوله إلى بلاد التتار، وعوده وإعادة الإمرة إليه.

وفى شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وسبعمائة فوض السلطان الملك الناصر إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل ابن الأمير شرف الدين عيسى بن مهنّا، وخلع عليه تشريفا أطلس معدنيا [١] بطرد [٢] وحش، على عادة أخيه مهنا، وأقطعه خبز مهنّا، وعاد إلى الشام، وكان وصوله إلى دمشق فى يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وأقام بدمشق إلى يوم الخميس غرة جمادى الأولى، وتوجّه إلى بلاده.

وسبب ذلك أن الأمير حسام الدين مهنّا كان قد امتنع من الحضور إلى الأبواب السلطانية منذ أعان الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى ووافقه كما تقدم، وعلم أنه أسلف ذنبا كبيرا، وجرما عظيما لا يتجاوز الملوك عن مثله، فخاف على نفسه إن هو حضر أن يقابل على ذلك بالقتل وإن شمله الإحسان فالاعتقال، واجتهد السلطان فى ملاطفته، والإحسان إليه وتأمينه، وزيادة فى الإقطاعات، وشموله بالإنعام، ووسّع على أولاده وأهله وألزامه فى الإنعامات والإطلاقات والزيادات، وفعل فى ذلك ما لم يفعله ملك قبله مع أمثالهم، وراسله مرارا فلم يزدد إلا تماديا على إصراره، فلما آيس منه جعل الإمرة لأخيه الأمير شجاع الدين هذا، وتوجّه الأمير حسام الدين مهنّا إلى العراق، وتلقّى من جهة التتار وأكرم غاية الإكرام ببغداد، ثم توجه إلى الأردو [٣] واجتمع بالملك خربندا فأكرمه وأحسن إليه وأقطعه، وخيّره فى المقام ببلاده أو العود، فاختار العود إلى الشام لإصلاح ذات البين، وعاد واجتاز الفرات فى شهر رمضان،


[١] فى الأصول «معدنى» .
[٢] طرد وحش: نوع من القماش الحرير المنقوش بمناظر الصيد والطرد (السلوك ١/٢: ٧٨٨ هامش الدكتور زيادة، وفى الملابس المملوكية ... ١٠٦ «يعمل فى الأسكندرية والقاهرة ودمشق، وهو مجوخ جاخات ومزين بأشرطة كتابة بألقاب السلطان، وجاخات طرد وجيش وجاخات ألوان ممتزجة بقصب مذهب، يفصل بينها نقوش، وطرازه يكون من القصب.
[٣] هذا اللفظ من ص، وف. وانظر التعليق ص ١٤٥.