وحيث انتهينا إلى هذه الغاية من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلنذكر من بشّربه.
ذكر المبشّرات برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مولده ومبعثه وبعد ذلك
جاءت البشائر برسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتب الله تعالى المنزلة على أنبيائه صلوات الله عليهم، وفيما «١» نقل إلينا من كلامهم، ووجد بخطّهم، وبشّر به أحبار يهود، وعلماء النّصارى، عما انتهى إليهم من العلوم التى تلقّوها عن الأنبياء صلوات الله عليهم، ونقلوها من صحفهم، ومخّبئات كتبهم، وذخائر أسرارهم، حتى اعترف قوم بنبوّته صلى الله عليه وسلم قبل مولده وظهوره بما شاء الله من السنين، وأوصوا به من بعدهم؛ (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ)
؛ وبشّر به أيضا قبل مبعثه كهّان العرب، عما كان يأتيهم من أخبار السّماء على لسان شياطينهم الذين كانوا يسترقون السّمع ومنعوا بالشّهب، كما أخبرنا الله تعالى فى قوله:(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً)
، ونطق الجانّ من أجواف الأصنام بالبشارة به، فكان ذلك سببا لإسلام من سمع أصواتها ممن سبقت له من الله الحسنى، وهداه وأرشده إلى اتّباع الحق، والإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الله، على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى فى مواضعه.
[فأما ما جاءت به الكتب المنزلة من الله تعالى]
مما يدل على نبوّة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء ذلك فى القرآن العزيز، وفى التوراة، والإنجيل، وزبور داود، وكتب الأنبياء: شعيا، وشمعون، وحزقيل عليهم السلام.