قال: وأقبل قوم من بلاد اليمن يريدون أرض مصر، فخرج بعضهم فى طلب الماء، فرأى نورا يسطع من البئر، فأدلى دلوه، فتعلّق به يوسف، فآجتذبه، فنظر اليه فرآه، فقال للّذى كان معه: يا بُشْرى هذا غُلامٌ
. فأخرجوه.
قيل: وذلك فى اليوم الرابع من إلقائه فى الجبّ، وكان إخوته على رأس جبل فنظروا إلى اجتماع القافلة على الجبّ، فعدوا إليهم، وقالوا: هذا عبد لنا أبق منذ أيام، ونحن فى طلبه، فإن أردتم بعناه منكم.
ثم قالوا ليوسف بالعبرانية: إن أنكرت العبوديّة انتزعناك من أيديهم وقتلناك.
فسأله أهل القافلة فقال:«إنى عبد» ، أراد لله.
وكان رئيس القافلة مالك بن دعر، فاشتراه منهم بأقل من عشرين درهما.
قيل: تنقص درهما. وقيل: تزيد درهمين. وقيل: اشتراه بأربعين درهما والله أعلم. فاقتسموها بينهم.
قال الله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ
ثم قالوا لمالك: هذا عبد آبق سارق، قيّده حتى لا يهرب منك ولا يسرق.
فقيده وأركبه ناقة، وكتب يهوذا كتاب البيع، وساروا حتى بلغت القافلة قبر أمّ يوسف، فلم يتمالك أن رمى بنفسه على القبر وبكى؛ فافتقدوه فلم يروه، فبعثوا فى طلبه، فوجدوه وقد اتكأ على القبر؛ فلطمه واحد منهم، وقالوا: هلّا كان هذا البكاء قبل اليوم حتى كنّا لا نشتريك؟ وساروا به حتى دخلوا مصر، فغيّر مالك لباس يوسف، وعبر به، فاجتمع الناس على القافلة، ورأوا يوسف فعجبوا لحسنه وجماله.