للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مراسلة معاوية زيادا فى شأن البيعة]

وما دار بين زياد وبين عبيد بن كعب النميرى من الرأى وما اتفقا عليه قال: ولمّا قوى عزم معاوية على البيعة ليزيد، كتب إلى زياد ابن أبيه يستشيره، وزياد إذ ذاك يلى البصرة، فلما ورد عليه كتاب معاوية أحضر عبيد بن كعب النميرى وقال له: «إن لكلّ مستشير ثقة، ولكل سرّ مستودع، وإن الناس قد أبدع [١] بهم خصلتان:

إذاعة السر وإخراج النصيحة إلى غير أهلها، وليس موضع السر إلّا أحد رجلين: رجل آخرة يرجو ثوابا، ورجل دنيا له شرف فى نفسه وعقل يصون حسبه، وقد خبرتهما منك، وقد دعوتك إلى أمر أبهمت عليه بطون الصحف، إن أمير المؤمنين كتب إلى يستشيرنى فى كذا وكذا، وإنه يتخوّف نفرة الناس ويرجو طاعتهم، وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رسلة وتهاون، مع ما قد أولع به من حبّ الصيد فالق أمير المؤمنين وأدّ إليه عنّى فعلات يزيد، وقل له رويدك [بالأمر] [٢] وأحرى أن يتمّ لك، ولا تعجل فإن دركا فى تأخير خير من فوت فى عجلة» . فقال له عبيد: أفلا غير هذا؟ قال: وما هو؟ قال:

«لا تفسد على معاوية رأيه، ولا تبغّض إليه ابنه، وألقى أنا يزيد [٣] وأخبره أن أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك فى البيعة له، وأنك تتخوّف خلاف الناس، لهنات ينقمونها عليه، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه؛ لتستحكم له الحجّة على الناس ويتمّ ما يريد، فتكون


[١] أبدع بهم: قطع بهم وخذلهم.
[٢] الزيادة من الطبرى فى ج ٤ ص ٢٢٥ وابن الأثير ج ٣ ص ٢٥٠.
[٣] فى تاريخ الطبرى: «وألقى أنا يزيد سرا من معاوية» .