للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمل» فسيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك فى جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم، قد صحبتهم ذرّية بدرية، وسيوف هاشميّة، قد عرفت مواقع نصالها فى أخيك وخالك وجدك «١» وأهلك «وما هى من الظّالمين ببعيد» .

[ومن كلام الأحنف بن قيس]

حين وبّخه معاوية بن أبى سفيان بتخذيله عائشة رضى الله عنها، وأنه شهد صفّين، وقال له: فعلت وفعلت؛ فقال:

يا أمير المؤمنين، لم تردّ الأمور على أعقابها؟ أما والله إنّ القلوب النى أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التى قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن مددت بشبر من غدر، لنمدّنّ باعا من ختر «٢» ، ولئن شئت لتسصفين كدر قلوبنا بصفو حلمك؛ قال معاوية: أفعل.

وجلس معاوية يوما وعنده وجوه الناس، وفيهم الأحنف، فدخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن لعن عليّا رضى الله عنه، فأطرق الناس، وتكلّم الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل آنفا ما قال لو علم أن رضاك فى لعن المرسلين للعنهم، فاتّق الله، ودع عليّا فقد لقى الله، وأفرد فى حفرته، وخلا بعمله، وكان والله- ما علمنا- المبرّز بسبقه، الطاهر فى خلقه؛ الميمون النّقيبه، العظيم المصيبة. قال معاوية: يا أحنف، لقد أغضيت العين على القذى، وقلت بغير ما ترى، وايم الله لتصعدنّ المنبر فلتلعننّه طائعا أو كارها؛ فقال الأحنف:

إن تعفنى فهو خير، وإن تجبرنى على ذلك فو الله لا تجرى به شفتاى؛ فقال معاوية:

قم فاصعد؛ قال: أما والله لأنصفنّك فى القول والفعل؛ قال معاوية: وما أنت