وفى أيامه قوى أمر أبى عبد الله الشيعى، وكان قد ظهر فى أيام جده إبراهيم بن أحمد، فاستفحل الآن أمره. وكثرت أتباعه، واشتدت وطأته. ففارق زيادة الله تونس إلى رقادة ونزلها خوفا من الشيعى أن يخالفه إليها. ولما نزلها زيادة الله عمر سورها، فلم يغن ذلك عنه شيئا لأن الشيعى لما قوى أمره بكتامة، انضمت إليه القبائل واجتمعت له الرجال، وهزم جيوش زيادة الله مرة بعد أخرى وقتل جموعه.
واستولى على البلاد: فبدأ بميلة ثم بمدينة سطيف ثم غلب على البلاد والمدن بلدا بلدا ومدينة مدينة، إلى أن غلب على مدينة الأربس، وهزم إبراهيم بن أبى الأغلب «١» . وكان زيادة الله قد جهزه لقتاله فى جيوش عظيمة، وهو آخر جيش جهزه زيادة الله. فهزمه الشيعى، وذلك فى جمادى الآخرة سنة ست وتسعين «٢» ومائتين، على ما نذكره إن شاء الله مبينا فى أخبار الدولة العبيدية المنسوبة للعلوية.
ذكر انهزام زيادة الله الى المشرق وانقراض دولة بنى الأغلب
قال: ولما بلغت هزيمة إبراهيم بن الأغلب زيادة الله- وكان هذا الجمع آخر جمع جمعه- فتّ ذلك فى عضده. وكان برقادة فأظهر أنه أتاه الفتح وأرسل إلى السجون فأتى برجال منها. فضرب أعناقهم وأمر أن يطاف برؤوسهم فى القيروان والقصر القديم.