للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض السنين، فتقدمت إلى أبى العتاهية أن يعمل أبياتا تذكره بها فقال:

زعموا «١» لى أنّ فى ضرب السنه ... جددا بيضا وصفرا حسنه

سككا قد أحدثت لم أرها ... مثلما كنت أرى كل سنه

فلما قرأ المأمون الشعر قال: إنا لله- أغفلناها وتقدم يحمل ذلك إليها؛ قال: قال مخارق: ظهر لأم جعفر من المأمون جفاء، فبعث إلى بأبيات أمرتنى أن أغنيه بها إذا رأيته نشيطا وأسنت لى الجائزة وكان كاتبها جعفر بن الفضل، قال الأبيات هى:

ألا إنّ صرف «٢» الدهر يدنى ويبعد ... ويؤنس بالألّاف طورا ويفقد

أصابت لريب الدهر منّى يدى يدى ... فسّلمت للأقدار والله أحمد

وقلت لريب الدهر إن ذهبت يد ... فقد بقيت والحمد الله لى يد

إذا بقى المأمون لى فالرشيد لى ... ولى جعفر لم يفقدا ومحمد

قال مخارق: ففعلت، فسألنى المأمون عن الخبر فعرفته فبكى، ورق لها وقام لوقته فدخل عليها، فقبل رأسها وقبلت يده، وقال لها: يا أمّه، ما جفوتك تعمدا ولكنى شغلت عنك بما لا يمكن إغفاله، فقالت: يأمير المؤمنين، إذا حسن رأيك لم يوحشنى «٣» ، وأتم عندها بقية يومه. نعود إلى سياق أخبار المأمون على حكم التوالى.

[ذكر وثوب الجند بطاهر]

قال: ووثب الجند بطاهر بعد مقتل الأمين بخمسة أيام، وكان سبب ذلك أنهم طلبوا منه مالا، فلم يكن معه شىء فثاروا به، فظن أن ذلك