رمضان، سنة ست عشرة. فاستدعاه السلطان واستوزره، وصرفه.
واحتجب الملك الكامل من الناس بعد ذلك. وكان قبل ذلك يركب بنفسه، ويستحث العوام على جهاد الفرنج.
[ذكر خراب القدس]
كان ابتداء الخراب بالقدس فى بكرة يوم الأحد سابع المحرم، سنة ست عشرة وستمائة.
وسبب ذلك أن الملك المعظم لما توجه إلى أخيه الملك العادل، بلغه أن طائفة من الفرنج قد عزموا على قصد القدس. فاتفق مع جماعة من الأمراء على إخرابه. وقال: قد خلا الشام من العساكر، فلو أخذه الفرنج حكموا على دمشق وبلاد الشام. فأمر بإخرابه. وكان بالقدس الملك العزيز عثمان، وعز الدين أيبك أستاذ الدار.
ووقع فى البلد ضجة عظيمة. وخرج الناس أجمع، حتى البنات المخدّرات والعجائز والشيوخ وغيرهم، إلى الصخرة والأقصى، فقطعوا شعورهم ومزقوا ثيابهم. وخرجوا على وجوههم وتركوا أموالهم. وامتلأت بهم الطرقات، فمنهم من توجه إلى الديار المصرية، ومنهم من توجه إلى الكرك، وبعضهم إلى دمشق. وصار البنات المخدرات يمزقن ثيابهن، ويلففنها على أرجلهن، من الحفا. ومات خلق كثير من الجوع والعطش. ونهب ما كان لهم بالقدس، حتى بيع القنطار الزيت بالقدس بعشرة دراهم، ورطل النحاس بنصف درهم.