للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر أخبار أبى القاسم الصناديقى ببلاد اليمن]

وفي سنة ست وثمانين ومائتين استولى أبو القاسم النجّار المعروف بالصناديقى على اليمن، وكان ابن أبى الفوارس داعى عبدان قد أنفذه داعيا إلى اليمن، وكان هذا الصناديقى من موضع يعرف بالنّرس، وكان يعمل فيه الثياب النرسيّة، وقيل إنه كان يعمل في الكتّان، فلما صار إلى اليمن أجابه رجل من الجند يعرف بابن الفضل، فقوى أمره على اقامة الدعوة الخبيثة؛ فدخل فيها خلق كثير، فخلعهم من الإسلام، وأظهر العظائم، وقتل الأطفال وسبى النساء، وتسمّى برب العزّة وكان يكاتب بذلك، وأظهر شتم النبىّ صلى الله عليه وسلّم وسائر الأنبياء، واتّخذ دارا سمّاها دار الصفوة، وكان يأمر الناس بجمع نسائهم من أزواجهم وبناتهم واخوانهم، ويأمرهم بالاختلاط.

بهنّ ليلا ووطئهنّ، ويحتفظ بمن تحبل منهنّ في تلك الليلة وبمن تلد من بعد ذلك، ويتخذهم لنفسه خولا ويسمّيهم أولاد الصفوة، وعظمت فتنته باليمن، وأجلى أكثر أهله عنه وأجلى السلطان، وقاتل القاسم بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الحسنى الهادى وقلعه عن عمله بصعدة، وألجأه إلى أن هرّب عياله إلى الرسّ حذرا منه لقوّته عليه، ثم إنّ الله عزّ وجلّ رزقه الظفر به فهزمه، وكان ذلك بلطف من ألطاف الله تبارك وتعالى، وهو أن ألقى على عسكره وقد بايته بردا وثلجا، قتل به أكثر أصحابة في ليلة واحدة، وقلّ ما يعرف مثل هذا من البرد والثلج في ذلك البلد، ولما طغى وبعى قتله الله بالأكلة وأنزل بالبلدان التى غلب عليها بثرا قاتلا، كان يخرج على كتف