للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر عدة حوادث كانت بدمشق فى سنة ست وعشرين وسبعمائة خلاف ما ذكرنا]

فى هذه السنة وصل إلى دمشق فى يوم الأحد منتصف المحرم الأمير محمد ابن عبد القادر بن يوسف بن الأمير أبى القاسم عبد العزيز بن الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين، فرسم نائب السلطنة بالاحتياط عليه، وطولع فى أمره الأبواب السلطانية، ورسم أن يعود إلى أهله، فرجع، ولم يدخل مدينة دمشق.

قال الشيخ علم الدين بن البرزالى فى تاريخه عنه: وهو رجل حسن فيه أدب ومعرفة وديانة، اجتمعت به وسألته عن مولده، فذكر أنه قبل دولة اليهود بسنة، وكانت دولة اليهود سنة تسعين وستمائة، وسألته عن مولد أبيه، فذكر أنه قبل سنة براق فى الدولة العباسية، قال: وسألته عن مولد جدّه، فذكر أنه فى واقعة بغداد كان عمره سبع سنين أو ثمان سنين، وذكر أن جد والده عبد العزيز توفى قبل أخذ بغداد بسنة أو نحوها/ (٢١٨) .

وفى هذه السنة فى يوم الثلاثاء الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول ضربت عنق ناصر بن أبى الفضل بن إسماعيل الهيتى المقرئ الصالحى بسوق الخيل بدمشق، وسبب ذلك أنه ثبت عليه الزندقة، وكان المذكور حسن الصوت بالقراءة، وصحب ابن الباجربقّى، وابن المعمار وغيرهما، فانحلت عقيدته، وشهد عليه فى ذلك بما تقدم، فهرب إلى بلاد الروم [١] ، ثم عاد إلى حلب فى أواخر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وحضر عند قاضى القضاة بها كمال الدين ابن الزّملكانىّ الشافعى، وتاب وقبل توبته، وحقن دمه، ثم عاد إلى ما كان عليه من الزندقة فحمل إلى دمشق، وثبت عليه ما تلفظ به، فحكم بإراقة دمه [٢] فنسأل الله العافية فى ديننا وفى دنيانا.

وفيها فى يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الأولى ضربت عنق «توما بن عبد الله النصرانى» من قرية الحمّان، كان قد أسلم على يدى الشيخ تقى الدين


[١] فى ابن حجر (الدرر ٤/٣٨٧) أنه هرب إلى ماردين، ثم فر منها إلى حلب.
[٢] فى شذرات الذهب (٦/٧٤) أن ثبوت زندقته كان على يد القاضى شرف الدين بن مسلم الحنبلى، ونقل الثبوت إلى شرف الدين المالكى فأنفذه، وحكم بإراقة دمه، وعدم قبول توبته.