«١» ، غضب الله عليهم فيما صنعوا من مخالفتهم حكم التوراة، وغضب عليهم بكفرهم بهذا النبىّ الذى أرسل إليهم، ثم أنّبهم برفع الطور، واتخاذ العجل إلها من دون الله؛ ثم قال تعالى:
«٢» أى ادعوا بالموت على أىّ الفريقين أكذب، فأبوا ذلك، فأعلمهم أنهم لم يتمنوه فقال:(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)
«٣» أى بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك، فيقال: لو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقى على الأرض يهودىّ إلا مات، ثم ذكر رغبتهم فى الحياة فقال:(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ)
«٤» أى ما هو بمنجيه؛ وذلك أنّ المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت، فهو يحب طول الحياة، وأنّ اليهودىّ قد عرف ماله فى الآخرة من الخزى بما صنع فيما عنده من العلم. والله تعالى الهادى للصواب، وإليه المرجع والمآب.
[ذكر سؤال أحبار يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتراطهم على أنفسهم أنه إن أجابهم عما سألوه آمنوا به، ورجوعهم عن الشرط]
وذلك أنّ نفرا من أحبار يهود جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
يا محمد، أخبرنا عن أربع نسألك عنهنّ، فإن فعلت اتبعناك وصدّقناك وآمنا بك؛ فقال:«عليكم بهذا عهد الله وميثاقه إن أخبرتكم بذلك لتصدقنّنى» ؟ قالوا: نعم؛