للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسه أن يقتل، وضمن على ولده «سعد الدين فرج الله» أن يبيع بقية أملاك والده، ويحمل عنها ليكمّل ما قرّر على أبيه، ولم يكن طلبه شديدا على العادة فى مثل ذلك إذا طولب أمثاله بحمل الأموال.

واستمر بصفد إلى أن رسم بإحضاره منها عند ما أحضر كريم الدين الوكيل من القدس، فعزل منها فى شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين، وكان وصوله إلى قلعة الجبل فى يوم الخميس العاشر/ (٥٦) من شهر ربيع الآخر منها، وعند وصوله اعتقل بالبرج بباب القرافة بقلعة الجبل، وطولب بحمل المال، فحمل من جهته ماية ألف درهم، وأفرج عنه فى يوم السبت السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة، وكان من أمره بعد ذلك ما نذكره إن شاء الله تعالى [١] .

[ذكر وصول رسل متملك الأرمن إلى الأبواب السلطانية]

وفى سنة ثلاث وعشرين وسبعماية فى العشر الاخر من جمادى الأولى وصل رسل متملّك الأرمن إلى الأبواب السلطانية، وفيهم الخليفة عليهم بزعمهم، وأم الملك، وجماعة من أكابرهم يسألون مراحم السلطان فى الكفّ عنهم، وأن يحملوا إلى الخزانة السلطانية قطيعة [٢] فى كل سنة ألف ألف درهم ومائتى ألف درهم، وما جرت به العادة من البغال المساقة إلى الإسطبلات، والنعال الحديد، وغير ذلك من التقادم، وسألوا أن يأذن لهم فى عمارة ثغر آياس، وأن يكون ما يتحصّل منه مناصفة بين السلطان وبينهم، فامتنع السلطان من إجابتهم إلى المناصفة إلا أن يبذلوا عن الثغر فى كل سنة ثمانمائة ألف درهم لتكملة ألفى ألف درهم.

ثم وصلت رسل الملك أبى سعيد ملك التتار، وكان فى جملة رسالتهم سؤال السلطان فى أمرهم [٣] ، والشفاعة فيهم، فاستقر حالهم على حمل القطيعة المذكورة، ولم تحصل الموافقة على عمارة ثغر آياس، وأعيدوا إلى بلادهم.


[١] أورد النويرى أخبار كريم الدين الصغير فى حوادث سنة ٧٢٦ هـ فذكر اعتقاله، ومصادرة أمواله، ومصيره بعد ذلك، وانظر (ص ١٩٧) من هذا الجزء.
[٢] القطيعة: المال المقرر على جهة من الجهات.
[٣] فى أمرهم: يعنى فى أمر الأرمن كما يفهم من السياق.