قاتلهم من وجوه عدّة خفّت وطأتهم على من يقصد هذا الموضع، ففرّق أصحابه على جهات أصحاب الزنج، وصار هو في جهة النهر الغربى وقاتل من فيه وصدقهم أصحابه القتال فهزموهم، فولّوا وتركوا حصنهم في أيدى أصحاب الموفّق، فهدموه وأسروا وقتلوا وخلّصوا من هذا الحصن خلقا كثيرا من النساء والصبيان، ورجع الموفّق إلى عسكره بما أراد.
ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الغربية
قال «١» : لما هدم الموفّق سور دار صاحب الزنج أمر باصلاح المسالك، ليتسع على المقاتلة الطريق إلى الحرب، ثم رأى قلع الجسر الأوّل الذى على نهر أبى الخصيب، لما في ذلك من منع معاونة بعضهم بعضا، وأمر بسفينة كبيرة أن تملأ قصبا ويجعل فيه النفط، ويوضع فى وسطها دقل طويل يمنعها من مجاوزة الجسر إذا التصقت به، ثم أرسلها عند غفلة الزنج وقوة المدّ، فوافت الجسر وعلم بها الزنج فأتوها وطمّوها بالحجارة والتراب، ونزل بعضهم فخرقها فغرقت، وكان قد احترق من الجسر شىء يسير فأطفأه الزنج، فاهتم الموفّق بالجسر فندب أصحابه وأعدّ النفّاطين والفعلة والفؤوس، وأمرهم بقصده من غربىّ النهر وشرقيّة، وركب الموفّق في أصحابه وقصد فوّهة نهر أبى الخصيب، وذلك في منتصف شوّال سنة تسع وستين فسبق الطائفة التى في غرب النهر، فهزم الموكّلين على الجسر وهم سليمان بن جامع