الجنّة فاستفتح، ففتحت له أبوابها، فأدخله الجنّة؛ فقال له ملك الموت: اخرج منها لتعود إلى مقرّك. فتعلّق بشجرة وقال: لا أخرج منها. فبعث الله تعالى ملكا حكما بينهما؛ فقال له الملك: ما لك لا تخرج؟ قال: لأن الله تعالى قال:
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ*
وقد ذقته. وقال: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
وقد وردتها. وقال تعالى: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ
فلست أخرج. قال الله تعالى لملك الموت: دعه فإنه بإذنى دخل الجنّة، وبأمرى يخرج. فهو هناك، فتارة يعبد الله فى السماء الرابعة، وتارة يتنعّم فى الجنّة.
الباب الرابع من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى قصة نوح- عليه السلام- وخبر الطوفان
قال الكسائىّ- رحمه الله تعالى- قال وهب بن منبّه: لمّا رفع الله تعالى إدريس- عليه السلام- ترك إدريس فى الأرض ولده متوشلح، فتزوّج بامرأة يقال لها:(ميشاخا) ؛ فولدت له ولدا سمّاه (لمك) ، وكان يرجع إلى قوّة وبطش وكان يضرب بيده الشجرة العظيمة فيقتلعها من أصلها، وكان على وجهه نور نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ فخرج فى يوم إلى البرّيّة فرأى امرأة فى نهاية الجمال وبين يديها غنم ترعاها، فأعجبته، فسألها عن نفسها، فقالت: أنا قينوش بنة براكيل بن محويل من أولاد قابيل بن آدم. فقال: ألك زوج؟ قالت: لا. قال: فما سنّك؟
قالت: مائة وثمانون. قال: لو كنت بالغة لتزوّجتك- وكان البلوغ يومئذ لاستيفاء مائتى سنة- فقالت: كان عندى أنك تريد أن تفضحنى، فأمّا إذا أردت الزواج فقد أتى علىّ مائتا سنة وعشر سنين. فخطبها من أبيها، وأرغبه بالمال؛ فزوّجه بها فحملت منه بنوح- عليه السلام- فلما كان وقت الولادة ولدته فى غار خوفا على