وما قال لى ويلك قبلها: نزّه سمعك عن استماع الخنا، كما تنزّه لسانك عن الكلام به، فإن السامع شريك القائل، وإنه عمد إلى شرّ ما في وعائه، فأفرغه في وعائك، ولو ردّت كلمة جاهل في فيه، لسعد رادّها، كما شقى قائلها، وقد جعله الله تعالى شريك القائل، فقال:(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) .
ومما قيل في الغيبة والنّميمة،
روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا قلت في الرجل ما فيه فقد اغتبته وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهتّه» .
اغتاب رجل رجلا عند قتيبة بن مسلم، فقال له: أمسك عليه أيّها الرجل، والله لقد تلمظت بمضغة طالما لفظتها الكرام.
وذكر في مجلسه رجل، فنال منه بعض جلسائه، فقال له: يا هذا أوحشتنا من نفسك، وأيأستنا من مودّتك، ودللتنا على عورتك.
واغتاب رجل عند بعض الأشراف، فقال له: قد استدللت على كثرة عيوبك، بما تذكر من عيب الناس، لأن الطالب للعيوب، إنما يطلبها بقدر ما فيه منها، أما سمعت قول الشاعر
لا تهتكن من مساوى الناس ما ستروا ... فيهتك الله سترا من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدا منهم بما فيكا
وقال ابن عبّاس رضى الله عنهما اذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحبّ أن يذكرك به، ودع منه ما تحبّ أن يدع منك.