إلى أن سفك بعضهم دماء بعض، ففزع حلماؤهم إلى كاهن لهم رجوا أن يكون عنده المخرج مما نزل بهم، فقال الكاهن:«أقسم بالسماء ذات الأبراج، والأرض ذات الأدراج، والريح ذات العجاج، والبحار ذات الأمواج، والجبال ذات الفجاج، إنّ هذا الإمراج والارتجاج، للقاح ذو نتاج» ؛ قالوا: وما نتاجه؟
وإلام يدعو؟ قال:«يظهر بصلاح؛ ويدعو إلى الفلاح، ويعطّل القداح، وينهى عن الرّاح والسّفاح، وعن كل أمر قباح» ؛ قالوا: ممن هو؟ قال:«من ولد الشيخ الأكرم، حافر زمزم، ومطعم الطير الحوّم، والسباع الصوّم» ؛ قالوا: وما اسمه؟
قال:«اسمه محمد، وعزّه سرمد، وخصمه مكمد» .
فهذه جملة كافية من أخبار الكهّان. فلنذكر ما نطق به الجانّ من أجواف الأصنام، وما سمع من الهواتف، والله المستعان.
وأما من بشّر به عليه الصلاة والسلام من الجانّ
الذين نطقوا من أجواف الأصنام وما سمع من العتائر.
[فمن ذلك ما روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فى سبب إسلام عمر،]
وأنه كان قد ضمن لقريش قتل النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، وخرج لذلك، فمرّ بقوم من خزاعة وقد اعتمدوا صنما لهم يريدون أن يتحاكموا إليه، فقالوا لعمر: ادخل لتشهد الحكم، فدخل معهم، فلما مثلوا بين يدى الصّنم سمعوا هاتفا من جوفه يقول «٢» :
يأيها الناس ذوو الأجسام ... ما أنتم وطائش الأحلام «٣»