ومن أراد المسير عنهم لا يمنعونه؛ وحلفوا لهم على ذلك فخرج الوالى وجماعة كثيرة معه تحت الأمان؛ وكانت مدّة الحصار سبعة وأربعين يوما.
ورحل بغدوين عنها إلى القدس، ثمّ عاد إليها بعد مدّة يسيرة يقرّر على المسلمين الذين أقاموا بها عشرين ألف دينار، فاستغرق أموالهم وأفقرهم.
ذكر استيلائهم على حصن «١» الأثارب وحصن زردنا
وفى سنة أربع وخمسمائة جمع صاحب أنطاكيّة الفارس والرّاجل، وسار إلى حصن الأثارب، وهو على ثلاث فراسخ من حلب، فحصره ومنع الميرة عمّن فيه؛ فضاق الأمر عليهم. فنقب المسلمون من القلعة نقبا وقصدوا أن يخرجوا منه إلى خيمة صاحب أنطاكيّة فيقتلوه. فلمّا فعلوا ذلك استأمن إليه صبىّ أرمنىّ فعرّفه الحال، فاحتاط لنفسه واحترز؛ وجدّ فى قتالهم حتى ملك الحصن عنوة، وقتل من أهله ألفى رجل «٢» وسبى.
ثم سار إلى حصن زردنا «٣» ، فحصره وفتحه، وفعل باهله مثل ذلك.
فلمّا سمع بذلك أهل منبج فارقوها خوفا من الفرنج، وكذلك أهل بالس «٤» ، فطلب أهل الشّام الهدنة، فامتنع الفرنج ثمّ أجابوا. فصالحهم الملك رضوان صاحب حلب على اثنتين [٨٠] وثلاثين ألف دينار، وخيول وثياب، وصالحهم ابن منقذ صاحب شيزر على أربعة آلاف دينار،