فهزموه وبقى حيران ولا يدرى ما يصنع، ولا أين يتوجه. فقصد بلدة صغيرة من بلاد قونية يقال لها أو كرم، فقدر الله أن أهل مدينة أقصرا وثبوا على واليها، فأخرجوه منها ونادوا بشعار غياث الدين.
فلما وصل الخبر أهل قونية قال أهلها:«نحن أولى بذلك منهم، لأنه كان حسن السيرة فينا» فنادوا باسمه، وأخرجوا من عندهم، واستدعوه، فملك المدينة وقبض على ابن اخيه، وملك البلاد أجمع فى ساعة واحدة، فسبحان من إذا أراد أمرا هيأ أسبابه. وحضر إليه أخوه قيصر شاه الذى كان صاحب ملطية، فلم يجد عنده قبولا، فأعطاه شيئا وأمره بمفارقة البلاد، فعاد إلى الرها، واستتب الملك لكيخسرو وأعظم شأنه، والله أعلم.
[ذكر ملكه مدينة أنطاكية]
وفى ثالث شعبان سنة ثلاث ستماية ملك الملك غياث الدين كيخسرو مدينة أنطاكية بالأمان، وكانت للروم. وكان قد حصرها قبل هذا التاريخ وهدم عدة أبرجة من سورها، وأشرف على فتحها عنوة، فاستنجد من بها من الروم بفرنج جزيرة قبرص، فوصل إليها جماعة منهم فيئس منها وفارقها وترك طائفة من أصحابه بالقرب منها فى الجبال التى بينها وبين بلاده، وأمرهم بقطع الميرة عنها. فضاق أهلها فطلبوا من الفرنج الخروج لدفع المسلمين عن مضايقتهم، فظنوا أنهم يريدون إخراجهم من المدينة. فوقع الخلف بينهم، فأقتتلوا فأرسل الروم إلى المسلمين يطلبونهم ليتسلموا البلد، فوصلوا إليهم واجتمعوا