للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا لها هذا حبيبك معرضا ... فقالت لهم إعراضه أيسر الخطب

فما هى إلا نظرة بتبسّم ... فتنشب رجلاه ويسقط للجنب

وله فيها أشعار كثيرة غير ما أوردناه.

ذكر أخبار دنانير البرمكيّة

قال أبو الفرج: كانت دنانير مولاة يحيى بن خالد البرمكىّ، وكانت صفراء مولّدة، من أحسن الناس وجها، وأظرفهم وأكملهم أدبا، وأكثرهم رواية للغناء والشعر، ولها كتاب مجرّد فى الأغانى مشهور. وكان اعتمادها فى غنائها على ما أخذته من بذل، وهى خرّجتها؛ وقد أخذت أيضا عن الأكابر الذين أخذت بذل عنهم مثل فليح وإبراهيم وابن جامع وإسحاق ونظرائهم. وكانت تغنّى غناء إبراهيم فتحكيه فيه حتى لا يكون بينهما فرق؛ فكان يقول ليحيى: متى فقدتنى ودنانير باقية فما فقدتنى.

وقال أحمد بن المكىّ: كانت دنانير لرجل من أهل المدينة، كان قد خرّجها وأدّبها، وكانت أروى الناس للغناء القديم، وكانت صفراء صادقة الملاحة. فلما رآها يحيى وقعت من قلبه موقعا فاشتراها. وشغف بها الرشيد حتى كان يصير إلى منزل مولاها فيسمعها، فألفها واشتدّ إعجابه بها، ووهب لها هبات سنيّة. منها أنه وهب لها فى ليلة عقدا قيمته ثلاثون ألف دينار، فردّته عليه فى مصادرة البرامكة بعد ذلك. وعرفت أمّ جعفر الخبر فشكته إلى عمومته وأهله، فصاروا جميعا اليه فعاتبوه؛ فقال: مالى فى هذه الجارية أرب فى نفسها، وإنما أربى فى غنائها؛ فاسمعوها، فإن استحقّت أن تؤلف لغنائها وإلّا فقولوا ما شئتم. فلمّا سمعوها عذروه؛ وعادوا إلى أمّ جعفر وأشاروا عليها ألّا تلحّ فى أمرها؛ فقبلت ذلك، وأهدت إلى الرشيد عشر جوار منهنّ أمّ المأمون وأمّ المعتصم وأمّ صالح.