للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى رمى البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوّة، وبطل الفتوة من البلاد أجمع إلا من لبس منه، ومنع الطيور المناسيب لغيره إلا ما يؤخذ من طيوره، ومنع من الرّمى بالبندق إلا من ادّعى له وانتسب إليه. فأجابه النّاس إلى ذلك إلا رجلا واحدا يقال له ابن السفت فإنه فارق العراق والنحق بالشام فأرسل إليه يرغبه بالمال الجريل/ ليرمى عنه وينتسب إليه فأبى. فأنكر عليه بعض أصحابه ذلك فقال: يكفينى افتخارا أنّ كل رام فى الدنيا رمى الخليفة إلا أنا! والعجم ينسبون إلى الناصر أنه هو الذى راسل التتار وجرّأهم على البلاد، وهذه المصيبة العظمى إن كانت!

[ذكر خلافة الظاهر بأمر الله]

هو أبو نصر محمد بن الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضىء بأمر الله، وهو الخليفة الخامس والثلاثون من الخلفاء العباسيين. بويع له البيعة العامّة بعد وفاة والده الناصر لدين الله فى شوال سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وكان قد خلع من ولاية العهد وقطعت خطبته كما تقدّم، وإنما فعل ذلك أبوه لميله إلى ولده الصغير، فلما مات اضطر إلى أعادته لولاية العهد.

قال «١» ولما ولى الخلافة أظهر العدل والإحسان وأمر بإبطال المظالم وكفّ الأيدى عن الناس، وأعاد على الناس ما كان أبوه قد اغتصبه من أموالهم وأملاكهم، وأبطل المكوس والحوادث. فمن ذلك أن المخزن كان له صنجة للذهب تزيد على صنجة البلد نصّف