فى الأسواق ويطوفوا به فى الدّروب ويبيعوا النساء، وأن يكون للمرأة شىء مثل المغرفة بساعد طويل تتناول به ما تبتاعه من الرّجل. ثمّ أمر بإطلاق العجائز والإماء فى يوم الخميس تاسع شهر رمضان منها، فخرج بعض النّساء إلى القصر داعيات للحاكم، فعلم بهنّ فأعاد المنع والتشديد فى يومه، ولم يسمح إلا للنّساء المتظلمات للشّرع، والخارجات للحجّ، والإماء للبيع، والأرامل، وغواسل الأموات، والأرامل اللّواتى يبعن الغزل.
[ذكر إحراق مصر وقتال أهلها.]
كان سبب ذلك أن الحاكم ركب فى ذى القعدة سنة عشر وأربعمائة، فوجد صورة امرأة متردّية عملت من قراطيس، وفى يدها جريدة عليها ورقة فيها سبّ للحاكم وأسلافه وذكره بقبيح الفعال. فلمّا وقف عليها أمر بنهب مصر وحرق بعض دورها، وفرّق السلاح على السّودان والعبيد، فتبادروا إليها وفعلوا ما أمرهم به. فقام أهلها وقاتلوا قتالا شديدا ثلاثة أيّام، ثم أرسلوا إلى الحاكم يستقبلون فلم يقلهم، فعاودوا القتال؛ وأحرق من مصر جانب جيد. فلما رأى الحاكم أن الأمر يؤول إلى التّلاف كفّ عنهم بعد أن تلف من العقار ما لا تحصى قيمته، وسيّر عيادا الصقلبى إليها فى جماعة من الجند لنسكين الفتنة، فشاهد أمرا عظيما، فعاد إلى الحاكم وذكر له قبح النّازلة وعظم الفادحة وقال: لو أن بسيل ملك الروم دخل مصر لما استحسن أن يفعل فيها هذا الفعل. فغضب الحاكم من كلامه وأمر بقتله، فقتل.
وفى سنة عشر وأربعمائة أمر الحاكم وولىّ العهد، عبد الرّحيم بن إلياس، بالخروج إلى دمشق واليا عليها، ثم عزله فى شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وأربعمائة.