للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق]

على مذهب الإمام مالك بن أنس للقاضى شرف الدين محمد ابن القاضى معين الدين أبى بكر بن القاضى سديد الدين مظفر الهمدانى المالكى [١] الفيومى وكان ينوب عن قاضى القضاة تقى الدين بن الإخنائى المالكى بالجامع الصالحى خارج باب زويلة فنقل إلى دمشق، وتوجه إليها وكان وصوله يوم الثلاثاء خامس جمادى الآخرة، وكان المعتنى به والقائم فى حقه القاضى فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة، وكان قد عين للقضاء بدمشق الشيخ فخر الدين أبو عمر ابن الشيخ القدوة العابد علم الدين يوسف النويرى المالكى وأثنى عليه جماعة من الأمراء والأكابر فى مجلس السلطان منهم الأمير بدر الدين جنكلى [٢] بن البابا واستقرار من أمره فى الولاية ورسم السلطان بذلك وحضر الأكابر إليه وهنئوه بالولاية فنهض القاضى فخر الدين فى ولاية القاضى شرف الدين المذكور وبالغ فى أمره أتم المبالغة وجّود الاعتناء حتى ولى ورسم السلطان بتعويض الشيخ فخر الدين عن القضاء بما يليق به فولى إعادة المدرسة [٣] الناصرية، ونيابة الحكم بالجامع الصالحى نقل إليه من نيابة الحكم بالجامع الطولونى فولى ثم عزل نفسه، واقتصر على حضور الدروس ومشيخة الخانقاه الفخرية بمصر وتعاهد الحج نفع الله به.

وفى هذه السنة عاد الأمير سليمان ابن الأمير حسام الدين منها من بلاد العراق وكان قد التحق بالتتار فعاد الآن ووصل إلى دمشق فى ثامن جمادى الآخرة وتلقاه نائب السلطنة وحضر إلى الأبواب السلطانية وأحضر عدة من الخيل الجياد، ومثل بين يدى السلطان وسأل الصفح عن ذنبه وتنصل وأظهر التوبة والندم على ما صدر منه، فشمله [١٢٥] العفو السلطانى والصفح وأنعم عليه بالأموال الجزيلة والتشاريف وأنعم عليه من الأموال بدمشق بمائتى ألف درهم وخمسين ألف درهم وزاده السلطان على إقطاعه الذى كان بيده وعاد إلى دمشق فى شهر رجب.


[١] انظر فى ترجمة الوافى بالوفيات ٢: ٢٧٠، وذيول العبر ٢٦٣، والدرر الكامنة ٣: ٤٤، والنجوم الزاهرة ١٠: ١٨٢، وقد توفى سنة ٧٤٨ هـ.
[٢] هو جنكلى بن محمد بن البابا بن جنكلى بن خليل بن عبد الله العجلى بدر الدين، المتوفى سنة ٧٤٦ هـ (الدرر الكامنة ١: ٥٣٩، والدليل الشافى ١: ٢٥١، والنجوم الزاهرة ١٠: ١٤٣) .
[٣] أى إعادة المدرسة الناصرية إليه للتدريس فيها.