للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعود الى حال القاضى. قال: وينبغى للقاضى أن يعدل بين الخصمين من حين يقدمان عليه الى أن تنقضى خصومتهما فى مدخلهما عليه وجلوسهما عنده وقيامهما بين يديه، سواء كانا فاضلين فى أنفسهما أو ناقصين، أو أحدهما فاضلا والآخر ناقصا؛ لقوله عز وجل: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما

، ولما جاء

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ابتلى بالقضاء بين المسلمين [١] فليعدل بينهم فى لحظه ولفظه وإشارته ومقعده ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفع على الآخر»

. وفى رواية: «من ولى قضاء المسلمين فليعدل بينهم فى مجلسه وكلامه ولحظه»

. وفى رواية: «اذا ابتلى أحدكم بالقضاء [بين المسلمين [٢]] فليسوّ بينهم فى المجلس والإشارة والنظر ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر»

. قال: واذا اختصم اثنان الى القاضى فينبغى أن يأمرهما بالاصطلاح.

وشروط القضاء كثيرة يعرفها العلماء، فلا حاجة الى الزيادة والإسهاب فى ذلك؛ وإنما أوردنا ما قدّمناه فى هذا الباب منها حتى لا يخلى كتابنا منه. ولنختم هذا الباب بما ورد من التزهيد فى القضاء.

[ذكر شىء مما ورد من التزهيد فى تقلد القضاء والترغيب عنه]

قد ورد فى تقلّد القضاء أحاديث وآثار تزهّد فيه، بل تكاد توجب الفرار منه:

من ذلك ما

روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكّين»

؛ وعنه صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد حكم بين الناس إلّا جىء به يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقف به على شفير جهنّم فإن أمر به


[١] كذا فى الجامع الصغير. وفى الأصل: «من ابتلى بالقضاء بالمسلمين» .
[٢] سقطت هذه الكلمة فى الأصل سهوا من الناسخ.