[ذكر مقتل مؤتمن الخلافة جوهر، زمام القصور وانتقال وظيفته إلى قراقوش الأسدى وحرب السودان]
كان مقتل مؤتمن الخلافة فى يوم الأربعاء لخمس بقين من ذى القعدة، من سنة أربع وستين وخمسمائة.
وسبب ذلك أن الملك الناصر شرع فى نقض «١» إقطاع المصريين، فاتفق هذا الخادم مع جماعة من الأمراء المصريين على مكاتبة الفرنج واستدعائهم إلى الديار المصرية، والاعتضاد بهم على صلاح الدين ومن معه؛ وأرسل الكتب مع إنسان، فجعلها فى نعل ولبسه، وسار على أنه فقير رثّ الهيئة. فلما وصل إلى البيضاء «٢» وجده تركمانى، فأنكر حاله إذ هو رثّ الهيئة جديد المداس. فأخذ مداسه وفتقه، فوجد الكتب فيه، فحمله بها إلى الملك النّاصر، فوقف عليها، وكتم الأمر، وقرّر الرجل بالعقوبة، فأقرّ أنّ الكتب بخط رجل يهودى، فاستحضره، فأقرّ بها. ثم قتل صلاح الدّين القاصد. واستشعر مؤتمن الخلافة من الملك النّاصر، فلزم القصور واحترز على نفسه، فكان لا يخرج منها.
فلمّا طال ذلك عليه خرج فى هذا اليوم لقصر «٣» له بالخرقانيّة، فأرسل إليه الملك النّاصر جماعة فقتلوه، وأتوه برأسه، فرتّب حينئذ على أزمّة