للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهر رمضان ستة وعشرين يوما. وذلك أنّ الغيوم تراكمت عندهم عدّة شهور قبل شهر رمضان. فاستكملوا عدتها وصاموا شهر رمضان بعد استكمال شعبان وما قبله. ومن عادة أغرناطة أنّ أهلها يحتفلون فى ليلة السابع والعشرين [١] من شهر رمضان، يوقدون المآذن كما تفعل أهل مصر والشام فى نصف شعبان، فلما صعدوا ليوقدوا المآذن- على عادتهم- أقلعت الغيوم فرأوا الهلال وهو هلال شوال؛ فأفطر الناس وعيّدوا، وقضوا صيام أربعة أيام، وهذا أيضا غريب.

ومن غريب الاتفاق فى رؤية الهلال أن الناس بدمشق طلعوا إلى المئذنة لارتقاب هلال رمضان، والحاكم يومئذ بالشام قاضى القضاة شهاب الدين الحموى، وكانت الغيوم قد عمّت السماء، فطلع الناس للعادة مع تحقيقهم أنهم لا يرون شيئا، فاتفق عند ارتقابهم مطلع الهلال انفراج دائرة من الغيم ظهر من تحتها الهلال، فلما عاينه الناس التأم الغيم لوقته، وصام الناس عن رؤية ويقين، وما علمت كان هذا فى أى سنة وإنما نقله لى ثقة أرجع إلى نقله.

[ذكر حدوث الزلزلة]

وفى يوم الخميس الثالث والعشرين من ذى الحجة سنة اثنتين وسبعمائة عند طلوع الشمس، حدثت زلزلة عظيمة بالقاهرة ومصر وأعمال الديار المصرية كلها، ودمشق والشام أجمع والسّواحل والجبال الشامية، وكان معظمها بالديار المصرية، فهدمت منائر كثيرة، منها: منائر الجامع الحاكمى وشعّثته، وهدمت بعض جدرانه، وتشقّقت مئذنة المدرسة المنصورية على عظمها، وإتقان بنائها، حتى دعت الضرورة إلى هدمها وإعادتها، وهدمت منارة الجامع الظافرى بالقاهرة [٢] ومنارة الجامع الصالحى وغير ذلك، وشعثت جدر جامع عمرو بن العاص بمصر، وانهدم بسببها كثير من العمائر، وأقامت مقدار مضى خمس درج، وكانت مزعجة، وأثرّت بالإسكندرية أثرا عظيما هدمت أكثر المنارات وبعض الأسواق وغرق جماعة كثيرة عند مده وعوده وعدم قماش التجار وجزر


[١] هنا ينتهى السقط فى ك.
[٢] هذا اللفظ من ص.