بنفسه، وكتب إلى نصر ولم يقل إلى الأمير: أما بعد فإن الله تباركت أسماؤه عيّر «١» أقواما فى القرآن فقال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً، اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا «٢»
، فتعاظم نصر الكتاب وكسر له إحدى عينيه، وقال: هذا كتاب له أخوات «٣» ثم كان من خبر الكرمانى ومقتله ما قدمناه فى أيام مروان، فلما قتل انضم ابنه علىّ إلى أبى مسلم فى جموع كثيرة، فاستصحبه معه وقاتلوا نصر بن سيّار حتى أخرجوه من دار الإمارة، وأقبل أبو مسلم إلى مرو وأتاه على بن الكرمانى وسلّم عليه بالإمارة.
[وفى سنة ثلاثين ومائة:]
[ذكر دخول أبى مسلم مرو والبيعة بها]
دخل أبو مسلم الخراسانى مرو ونزل قصر الإمارة فى شهر ربيع الآخر وقيل فى جمادى الأولى، وكان سبب ذلك وسبب اتفاق ابن الكرمانى أن ابن الكرمانى ومن معه وسائر القبائل بخراسان كانوا قد تعاقدوا على قتال أبى مسلم، فجمع أصحابه لحربهم، فكان سليمان بن كثير بإزاء ابن الكرمانى، فقال له سليمان إن أبا مسلم: يقول لك أما تأنف من مصالحة نصر وقد قتل بالأمس أباك وصلبه! وما كنت أحسبك تجامع نصرا فى مسجد تصليان فيه! فرجع ابن الكرمانى عن رأيه وانتقض صلح العرب، فبعث نصر بن سيار إلى أبى مسلم يلتمس منه أن يدخل مع