قال المدائنىّ: كان رجل من ولد عبد الرحمن بن سمرة أراد الوثوب بالشام فى زمن المهدىّ، فأخذ وحمل إليه، فلمّا مثل بين يديه اعتذر، فرأى منه المهدىّ نبلا وفضلا، فعفا عنه وخلطه بجلسائه؛ ثم قال له يوما: أنشدنى شيئا من شعر زهير، فأنشده قصيدته التى أوّلها:«لمن الديار بقنّة «١» الحجر» حتى أتى على آخرها؛ فقال المهدىّ: مضى من يقول مثل هذا؛ فقال السّمرىّ: وذهب والله من يقال «٢» فيه مثله؛ فاستشاط «٣» المهدىّ غضبا، وأمر أن يجرّ برجله، وألّا يؤذن له بعدها.
ولنختم ما ذكرناه من أمر كتابة الإنشاء بشىء من الحكم.
[ذكر شىء من الحكم]
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«الحكمة ضالّة المؤمن» .
وقال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: لكلّ جواد كبوه، ولكلّ حكيم هفوه؛ ولكلّ نفس ملّة «٤» ، فاطلبوا لها طرائف الحكمة.
ومن الحديث النبوىّ- صلوات الله تعالى وسلامه على قائله- ممّا يدخل فى هذا الفصل قوله صلّى الله عليه وسلّم:«كرم الرجل دينه، ومروءته عقله، وحسبه عمله» . «خير الأمور أوسطها»«٥» . «كلّ ميسّر لما خلق له» .