للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان بلغنى أن المأمون مات، وكانت له فى عنقى بيعة، وكانت فتنة عمت الأرض، فبايعنى الناس، ثم إنه صحّ عندى أن المأمون حىّ صحيح وانا أستغفر الله من البيعة وقد خلعت نفسى من بيعتى التى بايعتمونى عليها- كما خلعت خاتمى هذا من أصبعى، فلا بيعة لى فى رقابكم.

ثم سار فى سنة إحدى ومائتين إلى العراق، فسيّره الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو، فلما سار المأمون إلى العراق صحبه فمات بجرجان.

[ذكر مسير هرثمة إلى المأمون وقتله]

قال: فلما فرغ هرثمة من أمر أبى السرايا رجع ولم يأت الحسن بن سهل، وسار إلى خراسان فأتته كتب المأمون فى غير موضع، أن يأتى إلى الشام والحجاز، فقال: لا أرجع حتى ألقى أمير المؤمنين، إدلالا منه عليه ولما يعرف من نصيحته له ولآبائه وأراد أن يعرّف المأمون ما يدبّر عليه الفضل بن سهل، وما يكتم عنه من الأخبار، وأنه لا يدع المأمون حتى ينتقل إلى بغداد ليتوسط سلطانه، فعلم الفضل بذلك فعاجله بالتدبير عليه، وقال للمأمون: إن هرثمة قد أنغل «١» عليك البلاد والعباد، ودسّ أبا السرايا- وهو من جنده- ولو أراد لم يفعل ذلك، وقد كتب إليه عدة كتب ليرجع إلى الشام والحجاز فلم يفعل، وقد جاء مشاقا وإن أطلق كان هذا مفسدة لغيره، فتغير غلب المأمون وأبطأ هرثمة إلى ذى القعدة، فلما بلغ مروخشى أن يكتم قدومه عن المأمون، فأمر بالطبول فضربت لكى يسمعها المأمون فسمعها، فقال: ما هذا!!! قال: هرثمة قد أقبل يرعد ويبرق، فأمر المأمون بإدخاله، فلما دخل قال له المأمون: مالأت أهل الكوفة والعلويين، ووضعت أبا السرايا ولو شئت أن تأخذهم جميعا لفعلت، فذهب هرثمة يتكلم ويعتذر،