وأشرف طمّاح الذّؤابة شامخ ... تمنطق بالجوزاء ليلا، له خصر.
وقور على مرّ اللّيالى كأنّما ... يصيخ إلى نجوى وفى أذنه وقر.
تمهّد منه كلّ ركن زكابه ... فقطّب إطراقا وقد ضحك البدر.
ولاذ به نسر السّماء كأنّما ... يجرّ إلى وكر به ذلك النّسر.
فلم أدر من صمت له وسكينة ... أكبرة سنّ وقّرت منه أم كبر.
وقال أيضا يصفه نثرا من رسالة كتبها إلى بعض الرؤساء:
وكيف لى بقربك ودونك كل علم باذخ، مجّ الليل عليه رضابه، وصافحت النجوم هضابه؛ قد ناء بطرفه، وشمخ بأنفه، وسال الوقار على عطفه؛ قد لاث من غمامه عمامه، وأرسل من ربابه ذؤابه؛ تطرّزها البروق الخواطف، وتهفو بها الرياح العواصف؛ بحيث مدّه البسيط بساطا، وضربت السماء فسطاطا.
الباب السادس من القسم الرابع من الفن الأوّل
١- فى ذكر البحار والجزائر
روى عن ابن عباس (رضى الله عنهما) أنه قال: «لما أراد الله عز وجل أن يخلق الماء خلق ياقوتة خضراء ووصف من طولها وعرضها وسمكها، ثم نظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء يترقرق لا يثبت فى ضحضاح. فما يرى من التموّج والاضطراب إنما هو ارتعاده من خشية الله تعالى؛ ثم خلق الريح فوضع الماء على متنه؛ ثم خلق العرش ووضعه على متن الماء» . وفسر بهذا قوله عز وجل:«وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ» .