إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستمدّه، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجرّاح فى مائتين، وعقد له لواء، وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار، وفيهم أبو بكر وعمر، وأمره أن يلحق بعمرو، وأن يكونا جميعا ولا يختلفا، فلحق بعمرو؛ فأراد أبو عبيدة أن يؤمّ الناس، فقال عمرو: إنما قدمت علىّ مددا، وأنا الأمير، فأطاع له بذلك أبو عبيدة «١» ، وسار حتى وطئ بلاد بلىّ، ودوّخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين، ولقى فى آخر ذلك جمعا، فحمل عليهم المسلمون، فهربوا فى البلاد وتفرّقوا، ثم قفل وبعث عوف بن مالك الأشجعىّ بريدا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان فى غزاتهم.
ذكر سريّة أبى عبيدة بن الجرّاح، وهى سريّة الخبط «٢»
بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا عبيدة بن الجرّاح فى شهر رجب سنة ثمان من الهجرة فى ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، وفيهم عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- إلى حىّ من جهينة بالقبليّة مما يلى ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمس ليال، فأصابهم فى الطريق جوع شديد، فأكلوا الخبط، وابتاع قيس بن سعد جزورا ونحرها لهم.
روى عن عبادة بن الصامت قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريّة إلى سيف «٣» البحر، عليهم أبو عبيدة بن الجرّاح، وزوّدهم جرابا من تمر، فجعل يقوتهم إيّاه حتى صاروا إلى أن يعدّه لهم عدّا، ثم نفد التمر حتى كان يعطى كلّ رجل منهم كلّ يوم تمرة، فقسمها يوما بيننا، فنقصت تمرة عن رجل، قال: فوجدنا فقدها ذلك