للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلاب الأوّل

قال أبو عبيدة: لمّا تسافهت بكر بن وائل وغلبها سفهاؤها، وتقاطعت أرحامها؛ ارتأى رؤساؤهم فقالوا: إنّ سفهاءنا قد غلبوا على أمرنا، فأكل القوىّ الضعيف، فنرى أن نملّك علينا ملكا نعطيه الشاة والبعير، فيأخذ للضعيف من القوىّ، ويردّ على المظلوم من الظالم، ولا يمكن أن يكون من بعض قبائلنا فيأباه الآخرون، فيفسد ذات بيننا، ولكنّنا نأتى تبّعا فنملّكه علينا، فأتوه [فذكروا له أمرهم «١» ] فملّك عليهم الحارث بن عمرو آكل المرار الكندىّ، فقدم فنزل بطن عاقل «٢» .

ثم غزا ببكر بن وائل حتى انتزع عامّة ما فى أيدى ملوك الحيرة اللخميّين، وملوك الشام الغسانّيين، وردّهم الى أقاصى أعمالهم، ثم طعن فى نيطة فمات فدفن ببطن عاقل. واختلف ابناه شرحبيل وسلمة فى الملك، فتواعد الكلاب «٣» ، فأقبل شرحبيل فى ضبّة والرّباب كلّها، وبنى يربوع، وبكر بن وائل. وأقبل سلمة فى تغلب والنّمر وبهراء ومن تبعه من بنى مالك بن حنظلة، وعليهم سفيان بن مجاشع، وعلى تغلب السفّاح، وإنما قيل له السفّاح لأنه سفح أوعية قومه وقال لهم: اندروا الى ماء الكلاب، فسبقوا ونزلوا عليه، وإنما خرجت بكر مع شرحبيل لعداوتها لبنى تغلب، فالتقوا على الكلاب، واستحرّ القتل فى بنى يربوع، وشدّ أبو حنش على شرحبيل فقتله، وكان شرحبيل قد قتل ابنه حنشا، فأراد أبو حنش أن يأتى برأسه الى سلمة، فخافه فبعثه مع عسيف له، فلما رآه سلمة دمعت عيناه وقال له: