للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصنام؛ وكان فيهم رجل من أشرافهم اسمه الخلود بن معيد بن عاد، وكان له بسطة فى الخلق وقوّة فى الجسم، مع الحسن والفصاحة؛ وكان إذا قيل له: لم لا تتزوّج وقد بلغت سنّ أبيك؟ يقول: رأيت فى المنام كأن سلسلة بيضاء قد خرجت من ظهرى، ولها نور كالشمس، وقيل لى: إذا رأيت هذه السلسلة قد خرجت من ظهرك ثانية فتزوّج بالتى تؤمر بتزوّجها؛ ولم أرها بعد، وقد عزمت على التزوّج.

وقام ليعبر بيت الأصنام يدعو بالتوفيق فى التزوّج، فلما همّ بالدخول لم يقدر، وسمع هاتفا يقول: يا خلود، ما لمن فى ظهرك والأصنام؟ فلم يعد إليها. ثم رأى بعد ذلك فى منامه السلسلة وقد خرجت من ظهره وقائلا يقول: «قم يا خلود فتزوّج بابنة عمك» فانتبه وخطبها وتزوّجها، وواقعها فحملت بهود؛ وأصبح القوم وهم يسمعون من جميع النواحى: هذا هود قد حملت به أمّه، ويلكم، إن لم تطيعوه هلكتم.

ووضعته أمّه فى ليلة الجمعة، فوقعت الرّعدة على قبائل عاد، ولم يعلموا ما حالهم؛ فعلموا أنه قد ولد لخلود ولد، فقال بعضهم لبعض: ليكونن لهذا الولد شأن فاحذروه. فخرج أحسن الناس وجها، وأكملهم عقلا، وسمّته أمّه عابر، فرأته أمّه ذات يوم يصلّى، فقالت: لمن هذه العبادة يا بنىّ؟ قال: لله الذى خلقنى وخلق الخلق. قالت: أليس هى لأصنامنا؟ قال: إنّ أصنامكم لا تضرّ ولا تنفع وإنما الشيطان قد زين لكم عبادتها. قالت: اعبد إلهك يا بنىّ، فقد رأيت منك حين كنت حملا وطفلا عجائب كثيرة.

[ذكر مبعث هود عليه السلام]

قال: ولم يزل هود فى ديار قومه يجادلهم فى أصنامهم، حتى أتت عليه أربعون سنة؛ فبعثه الله- عزّ وجلّ- إلى قومه رسولا، وأتاه الوحى، فانطلق إليهم وهم