للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى أقطار الممالك لأنها من أشياعه ونفره. ولما كان اليوم الفلانى علّق الستر وخلّق المقياس، وكسر الخليج فكان فى كسره جبر للخليقة ومنافع للناس؛ وذلك بعد أن وفّى النيل المبارك ستة عشر ذراعا، وصرف فى مصالح البلاد يدا تضنّ بالبذل خرقا وتكفى بحسن التدبير ضياعا، [وبثّ فى أرجاء الأعمال بحارا تحسب بتلاطم الأمواج ركاما وبمضاعفة الفجاج [١] سراعا] . وهو بحمد الله آخذ فى ازدياده إلى حدّه، جار على اعتياده فى المشى على وجه الثرى وخدّه؛ يتتبّع أدواء المحل تتبّع طبيب خبير، ويعكس بيت أبى الطّيّب فتمسى وبسطها تراب، ويصبّحها وبسطها حرير. وقد وثقت الأنفس بفضل الله العميم، وأصبح الناس بعد قطوب اليأس تعرف فى وجوههم نضرة النّعيم؛ تيمّنا ببركة أيّامنا التى أعادت إليهم الهجوع، وأعاذتهم مما ابتلى به غيرهم من الخوف والجوع. فليأخذ المجلس العالى حظّه من هذه البشرى التى خصّت وعمّت، ووثقت النفوس بمزيد النعمة إذ قيل: تمّت؛ ويذيعها فى الأقطار، ويعرّفهم قدر ما منح الله جيوش الإسلام من فضله الذى يعجب الزّرّاع ليغيظ بهم الكفّار؛ ويستقبل نعم الله التى سيسم الأرض وسميّها ويولى النعم وليّها ويأتى بالبركات أتيّها حتى تغصّ بالنعم تلك الرّحاب، ويظنّ لعموم رىّ البلاد الشاميّة أنّ نيل مصر وصل إليها على السّحاب؛ ويقيم منار العدل الذى هو خير بالأرض من أن تمطر، ويعفّى آثار الظلم حتى لا تكاد تظهر.

[ومما قيل فى التهانى بالفتوحات، وهزيمة جيوش الأعداء.]

فمن ذلك ما كتب به المهلّب بن أبى صفرة إلى الحجّاج بن يوسف الثقفىّ فى حرب الأزارقة:


[١] وردت هذه الجملة هكذا بالأصل!