للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما حضر ولده علم الدين طولب بالمال، وسعط بالخل والجير [١] ، فاعترف أن له وديعة عند صارم الدين أستاذ دار والده، فطلب فأحضر نحو عشرة آلاف دينار، وأنكر عليه كونه أخّر إحضار هذا المال، فقال: هذا كان وديعة عندى لهذا، وقد أحضرته الآن، فلم يؤاخذ بذلك. ثم أفرج عن ولده [علم الدين] [٢] عبد الله بعد ذلك، واستقر بحارة الدّيلم بدار أبيه الصغرى.

هذا ما كان من خبر القبض على كريم الدين ووفاته. فلنذكر خلاف ذلك من أخباره.

ذكر شىء من أخبار كريم الدين المذكور وابتداء أمره «وتنقّلاته وما كان قد انتهى إليه من القرب من السلطان والتمكّن من دولته»

(٤٠) /كان كريم الدين المذكور فى ابتداء أمره فى حالة شبيبته فى خدمة خاله تاج الرياسة [٣] بن سعيد الدولة، وكان معه بمدينة قوص لما كان كاتبا للأمير بهاء الدين قراقوش الظاهرى البريدى متولى الأعمال القوصية- كان- فى الدولة المنصورية السيفية، وكان هو وخاله إذ ذاك- وبعده بسنين كثيرة- على دين النصرانية، وتوجّه معه إلى الأعمال القوصية، ورتب كريم الدين فى كتابة المسطبة بقوص، وهى كتابة نائب الولاية، ثم خدم بعد ذلك الأمراء، فكان ممن خدمه منهم: الأمير سيف الدين جاورشى الحسامى، والأمير سيف الدين قجقرا وغيرهما، وباشر بعد ذلك وظيفة كتابة فى البيوت السلطانية، ثم أسلم فى الدولة الناصرية، وباشر نظر ديوان الأمير ركن الدين بيبرس أستاذ دار العالية؛ إذ تمكّن منه، وظهر اسمه، وشاع ذكره ونوّه الناس به، وأظهر


[١] يقال: سعط الدواء، وأسعطه إياه: إذا أدخله فى أنفه. والتسعيط بالخل والجير كان من أنواع التعذيب التى عرفت فى مصر فى العصور الوسطى.
[٢] الزيادة من السلوك، والنجوم (٩/٧٤) .
[٣] ترجمته فى الدرر (١/٥١٥) وورد اسمه فيه: تاج الدين بن سعيد الدولة القبطى وسيورده النويرى بعد قليل بلقب تاج الدين، ووفاته سنة ٧٠٩ هـ.