قصد المسالك، ولا مرشد يذودهم عن درك المهالك؛ أحمده على نعمه التى لا يحصى الواصفون إحصاءها، ومننه التى لا تحمل الخلق أعباءها؛ حمدا يتجدّد على ممرّ الأزمان والدهور، ويزيد على فناء الأحقاب والعصور؛ وإنّ أحقّ ما استعمله العاملون ولحق به التالون، وآثره المؤمنون، وتعاطى بينهم المسلمون؛ فيما ساء وسرّ، ونفع وضرّ؛ ما أصبح به الشّمل ملتئما، والأمر منتظما؛ والفتق مرتتقا؛ والسيف مغمودا ورواق الأمن ممدودا؛ فحقنت به الدماء، وسكنت معه الدهماء، وانقمع به «١» الأعداء؛ واتصل به السرور، وأمنت معه الشرور؛ وليس بذلك أولى، والى إحراز الثواب به أدنى من الصلح الذى أمر الله تبارك وتعالى به، وخصّ وعمّ ورغّب «٢» .
ولنعد الى كلام الشيخ ضياء الدين بن القرطبى
فمن ذلك ما كتب به أيضا الى الصاحب شرف الدين الفائزىّ جوابا عن كتاب شفاعة يوصى على أخيه نجم الدين، فأجابه الشيخ: يخدم الجناب الشرفىّ- رفع الله قدره بين أوليائه، وأطاب ذكره فى مقام عليائه؛ وأطال عمره مقترنا بعزّه، وأقرّه فى كنف سلامته وكهف حرزه- وردت الأوامر المطاعه، المقابلة بالسمع والطاعه؛ فى حق أخى المملوك مولانا نجم الدين، فتلقّى راية طاعتها بيمينه، وأقرّها من تعظيمه فى أسرّة جبينه، وأحلّها من شرف الامتثال فى مستودع دينه؛ وقابل حاملها بأوفر ترحيبه، وأقرب تقريبه؛ وواجهه بإجلال الأخوّه، وخلال «٣» البنوّه؛ وأحلّه كنف قلبه، وأودعه بين شغاف «٤» القلب وخلبه «٥» ، وأعاده الى معهود ولائه وحسبه؛ وقرّر له