ذكر قصّة أبى جهل فى الحجر الذى قصد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وما شاهده من حماية الله تعالى لنبيّه، وكفايته إيّاه ورجوعه إلى قومه وإخبارهم بما شاهد
قال ابن إسحاق: ولمّا قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنّ محمد قد أبى إلّا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسبّ «١» آلهتنا؛ وإنى أعاهد الله لأجلسنّ له غدا بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد فضخت به رأسه، فأسلمونى عند ذلك أو امنعونى، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم؛ قالوا: والله لا نسلمك لشىء أبدا، فامض لما تريد، فلمّا أصبح أخذ حجرا كما وصف، ثم جلس ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّى إلى بيت المقدس: وكان إذا صلّى صلّى بين الركن اليمانىّ والحجر الأسود: وجعل الكعبة بينه وبين الشام، وقام يصلّى وقريش فى أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أتى «٢» نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه، مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: مالك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل [به «٣» ] ما قلت لكم البارحة، فلمّا دنوت منه عرض لى دونه فحل من الإبل؛ والله ما رأيت مثل هامته