به علماء اليهود من بهتانهم فى الطّعن على المسيح، وما انفرد به علماء النّصارى من الدعوة إلى ألوهية المسيح، فرسول الله صلى الله عليه وسلّم فنّد جميعهم. والتّفنيد:
التخطئة وتقبيح القول والرأى.
قال ابن ظفر: وقرأت فى ترجمة أخرى للإنجيل: أنه قال: «البارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب، فإذا جاء وبّخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه، ولكنه ما يسمع يكلّمهم به، ويسوسهم بالحق، ويخبرهم بالحوادث والغيوب» . ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى وبخ العلماء من أهل الكتاب على كتمان الحق، وتحريف الكلم عن مواضعه، وبيع الدّين بالثّمن البخس من عرض «١» الدنيا، وهو الذى أخبر بالحوادث والغيوب.
وقال ابن ظفر: والذى صح عندى فى معنى البارقليط: أنه الحكيم الذى يعرف السّر؛ وقد تقدّم ما يدلّ على أنه الرسول.
وأما ما جاء فى زبور داود عليه السلام ممّا ترجمه أهل الكتاب،
فمن ذلك قوله:«اللهم اجعل جاعل السّنة يحيا، يعلّم الناس أنه بشر» ؛ ويفهم من هذا: أن داود عليه السلام أطلعه الله تعالى على ما سيقوله النصارى فى المسيح إذا أرسله، من أنه إله معبود، فدعا الله سبحانه بأن يبعث محمدا صلى الله عليه وسلم فيعلّمهم أن المسيح بشر.
وفيه أيضا مما ترجموه:«أنه فاضت الرحمة على شفتيك، من أجل ذلك أبارك عليك، إلى الأبد، فتقلّد السّيف، فإن بهاءك وحمدك الغالب، واركب كلمة الحق، فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك؛ والأمم يخرون تحتك» ؛ قال: فالذى قرنت شريعته بهيبة يمينه، وخرّت الأمم تحته، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.