والجواميس هى ضأن البقر. والجاموس أجزع الحيوان من البعوض وأشدّها هربا منه إلى الماء؛ وهو يمشى إلى الأسد رخىّ البال، رابط الجأش، ثابت الجنان.
وقد حكى عن المعتصم بالله العباسىّ أنه أبرز للاسد جاموستين فغلبتاه، ثم أبرز له جاموسة ومعها ولدها فغلبته وحمت ولدها، ثم أبرز له جاموسا مفردا فواثبه ثم أدبر عنه. هذا على ما فى الأسد من القوّة فى فمه وكفّه والجرأة العظيمة والوثبة وشدّة البطش والصبر والحضر والطّلب والهرب؛ وليس ذلك فى الجاموس، ولا يستطيل بغير قرنه، وليس فى قرنه حدّة قرن بقر الوحش؛ فإذا قوى الجاموس مع ذلك حتى يقاوم الأسد دلّ على قوّة عظيمة. ولذلك قدّم الجاحظ الجاموس على الأسد، وعلّل تقديمه عليه بهذه العلّة. وليس ما حكى عن المعتصم فى أمر الجاموس وغلبته للأسد بعجيب؛ فإنّ الجواميس بالأغوار تقاتل الأسد وتمانعه وتدفعه فلا يقدر على قهرها.
وأصحاب الجواميس هناك منهم من يغلّف قرونها بالنّحاس ويحدّدون أطرافه، يقصدون «١»
بذلك إعانته على حرب الأسد وقتاله.
والجاموس عندنا بالديار المصرية يقاتل التّمساح الذى هو أسد البحر ويتمكّن منه ويقهره فى الماء؛ فهو قد جمع بين قتال أسد البرّ وأسد البحر. وله قدرة عظيمة على طول المكث فى قعر البحر. والتماسيح لا تكاد تأوى موارد الجواميس من بحر النيل وتتجنّب أماكنها.