قال كعب: بعث الله- عزّ وجلّ- نوحا إلى قومه وله مائتان وخمسون سنة ولبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما، وعاش بعد الطّوفان مائتى سنة؛ فلمّا حضرته الوفاة دعا بابنه سام وقال له: أوصيك يا بنىّ باثنين، وأنهاك عن اثنين: أوصيك «بشهادة أن لا إله إلا الله» ، فإنّها تخرق السموات السبع، لا يحجبها شىء، والثانية أن تكثر من قولك:«سبحان الله وبحمده» ، فإنها جامعة الثواب؛ وأنهاك عن الشّرك بالله، والاتّكال على غير الله. فلمّا فرغ من ذلك أتاه ملك الموت، فسلّم عليه فقال: من أنت؟ فقد ارتاع قلبى من سلامك. قال: أنا ملك الموت، جئت لقبض روحك. فتغيّر وجهه وجزع، فقال له: ما هذا الجزع، ألم تشبع من الدنيا فى طول عمرك؟ قال: ما شبّهت ما مضى من عمرى فى الدنيا إلّا بدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر. فناوله ملك الموت كأسا فيها شراب وقال: اشرب هذا حتى يسكن روعك. فلمّا شربه خرّ ميتا- عليه السلام- والله الموفّق.
ذكر خبر أولاد نوح- عليه السلام- من بعده
فأما حام فإنه واقع زوجته فولدت غلاما وجارية سودا «١» ، فأنكرهما حام؛ فقالت امرأته:«لحقتك دعوة أبيك» . فلم يقربها حينا؛ ثم واقعها فولدت مثلهما فتركها حام وهرب على وجهه؛ فلما كبر الولدان الأوّلان خرجا فى طلب أبيهما حتى بلغا قرية على شاطىء البحر، فنزلاها، وواقع الغلام أخته فحملت منه وولدت غلاما وجارية؛ وأقاما فى ذلك الموضع لا مأكل لهما إلّا السمك؛ فرجع