للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهله وغيرهم، وهو في ذلك الوقت يتمسك بى ويلازمنى، ولا يخالفنى، فلما رددت الأمور إليه، وجمعت الكلمة عليه، وجمعت له الأمصار القريبة والبعيدة سمع فيّ السعايات. قولوا له: «إن ثبات هذه القلنسوة [معذوق «١» ] بهذه الدواة، وأن انفاقهما رباط كل رعية، وسبب كل غنيمة، ومتى أطبقت هذه زالت تلك» . فى كلام كثير قاله، فلما خرجوا من عنده اتفقوا على كتمان ما قاله عن السلطان، ومضى كل منهم إلى خيمته وجاء باليرد «٢» إلى السلطان، فأخبره بما قاله الوزير على غرة، وجاء الجماعة بكرة النهار إلى السلطان، فأخبروه عنه بالعبودية، فقال لهم: إنه قال: كيت وكيت، فأشاروا عند ذلك بكتمانه رعاية لحق نظام الملك، ولعظم شأنه، فإن مماليكه كانوا قد أنافوا على عشرين ألفا غير الجند والأتباع، فوقع التدبير عليه حتى قتل، وظن السلطان أن الدنيا قد صغت له بعد ذلك، فما عاش بعده إلا خمسة وثلاثين يوما.

[ذكر ابتداء حال نظام الملك وشىء من سيرته وأخباره]

كان نظام الملك من أبناء الدهاقين بطوس، فزال ما كان لأبيه من مال وملك، وتوفّيت والدة نظام الملك، وهو يرضع، فكان أبوه يطوف به على المراضع يرضعنه حسبة حتى شبّ، وقرأ، وتعلم العربية، وتفقه، وصار من الفضلاء، وسمع الحديث الكثير، وكان يطوق