يحمل واحدة منهنّ، وكلما أراد أن يحمل واحدة ثقلت عليه. فقال له عيسى: دعه فإنّ له أهلا يهلكون عليه. فجعلت نفس اليهودىّ تطلّع إلى المال ويكره أن يعصى عيسى ويعجز عن حمله. فانطلق مع عيسى، فبينما هما كذلك إذ مرّ بالمال ثلاثة نفر فأقاموا عليه. فقال اثنان منهما لصاحبهما: انطلق إلى أهل هذه القرية «١» فأتنا بطعام وشراب ودوابّ نحمل هذا المال عليها. فلمّا ذهب صاحبهما قال أحدهما للآخر:
هل لك أن نقتله إذا رجع ونقتسم المال فيما بيننا؟ قال نعم. وقال الذى ذهب فى نفسه: هو ذا أجعل فى الطعام سمّا فإذا أكلاه ماتا ويصير المال كله إلىّ، ففعل ذلك. فلمّا رجع إليهما قتلاه، ثم أكلا الطعام فماتا. ومرّ عيسى عليه السلام بهم وهم موتى حوله، فقال: هكذا تصنع الدنيا بأهلها، فأحياهم بإذن الله عز وجل، فاعتبروا ومرّوا ولم يأخذوا من المال شيئا. فتطّلعت نفس اليهودىّ صاحب عيسى إلى المال فقال: أعطنى المال. فقال له عيسى: خذه فهو حظّك من الدنيا والآخرة. فلمّا ذهب اليهودىّ ليحمله خسف الله تعالى به الأرض، وانطلق عيسى عليه السلام.
[ذكر خبر المائدة التى أنزلها الله عز وجل من السماء]
قال وهب: وسأل بنو إسرائيل عيسى بن مريم عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء. قال الله تعالى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ «٢»
وقرأ علىّ وعائشة وسعيد بن جبير ومجاهد رضى الله عنهم «هل تستطيع ربّك»(بالتاء المثناة من أعلاها ونصب الباء الموحدة فى ربك) واختاره الكسائىّ وأبو عبيد