للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية]

وما اتفق لطائفة الحنابلة، واعتقال تقى الدين وما كان من خبره إلى أن أفرج عنه أخيرا كانت هذه الحادثة التى نذكرها فى سنة خمس وسبعمائة وانتهت فى أواخر سنة تسع وسبعمائة وكان لوقوعها أسباب وموجبات ووقائع اتفقت بالقاهرة ودمشق وقد رأينا أن نذكر هذه الواقعة ونشرح أسبابها من ابتداء وقوعها إلى انتهائها ولا نقطعها بغيرها وإن خرجت سنة ودخلت أخرى السبب المحرك لهذه الواقعة الموجب لطلب الشيخ تقى الدين المذكور إلى الديار المصرية فقد أطلعت عليه من ابتدائه وهو أن بعض الطلبة واسمه عبد الرحمن العينوسى [١] سكن بالمدرسة الناصرية التى تقدم ذكرها بالقاهرة وكنت بها وبها قاضى القضاة زين الدين المالكى وغيره، فاتفق اجتماعى أنا والقاضى شمس الدين محمد بن عدلان الكنانى القرشى الشافعى بمنزلى بالمدرسة المذكورية فى بعض الليالى وهو أيضا ساكن بالمدرسة ومعيد بها فحضر عبد الرحمن المذكور إلينا ومعه فتيا وقد أجاب الشيخ تقى الدين عنها فأخرجها من يده وشرع يذكر الشيخ تقى الدين وبسط عبارته وعلمه وقال هذه من جملة فتاويه ولم يرد فيما ظهر أذاه وإنما قصد والله أعلم نشر فضيلته فتناولها القاضى شمس الدين ابن عدلان منه وقرأها فإذا مضمونها.

بسم الله الرحمن الرحيم ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين رضى الله عنهم أجمعين أن يبينوا ما يجب على الإنسان أن يعتقده ويصير به مسلما بأوضح عبارة وأبينها من أن ما فى المصاحف هو كلام الله القديم أم هو [٢] عبارة عنه لا نفسه وأنه هو حادث أو قديم وأن قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى

[٣] هو استواء حقيقة أم لا؟ وأن كلام الله عز وجل بحرف وصوت أم كلامه صفة قائمة لا تفارق وأن الإنسان إذا أجرى القرآن على ظاهره من غير أن يتأول [٤] شيئا منه ويقول أو من به كما أنزل هل يكفيه ذلك فى الاعتقاد أم يجب عليه التأويل وأن السائل رجل متحير لا يعرف شيئا وسؤاله بجواب ليّن ليقلد قائله افتونا مأجورين رحمكم الله.


[١] وفى ص «العنوسى» .
[٢] سقط هذا اللفظ من ك.
[٣] سورة طه آية ٥.
[٤] فى ك «يتناول» والمثبت من ص، وف.