ونباهتهم، ولطافة أذهانهم، وحدّة أفكارهم؛ نبطيّون فى استنباط المياه، ومعاناتهم للغراسة، وتركيب الشجر والفلاحة؛ صينيّون فى إتقان الصنائع العلمية، وإحكام المهن الصورية؛ تركيّون فى معاناة الحروب ومعالجة آلاتها، والنظر فى مهمّاتها» .
قال إبراهيم بن خفاجة، يصفها:
إنّ للجنّة بالأندلس ... مجتلى عين وريّا نفس!
فسنا صبحتها من شنب ... ودجى ليلتها من لعس.
وقد أظهرت الأندلس جماعة من الفضلاء والأعيان والأكابر، ذكرهم ابن بسّام فى كتابه المترجم «بالذخيرة، فى محاسن أهل الجزيرة» . وذكرهم الفتح بن خاقان فى كتابه «المطمح» و «قلائد العقيان» وغيرهما.
وسنذكر إن شاء الله تعالى حال الأندلس وابتداء عمارتها وملوكها عند ذكرنا فتحها، وهو فى الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الخامس فى التاريخ من اخبار الدولة الأموية فى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان فى سنة ٩٢ من الهجرة.
[وأما البصرة وما اختصت به]
فمن خصائصها أن للغربان بها ضربا من العجب. وذلك أنها تقع إليها بالخريف حتّى تكون الأرض بها سوداء، وتقع على كل نخلة أصرم ثمرها، ولا تقع على ما لم تصرم، ولو بقى عليها عذق واحد.
ومن عجائبها أيضا، أن التمر يكون مصبوبا فى بيادره، فلا يقع عليه شىء من الذّباب لا فى الليل ولا فى النهار.