الصبح ركبت دابتى ووقفت للصاحب فى طريقه إلى القلعة، فسلمت، عليه وقلت له: معى رسالة، فقال: ممن هى؟ قلت: من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يقول لك: بأمارة كذا وكذا لا تؤذنى فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قد شفع فى عندك، فقال: صدقت أنت، وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وانت اليوم فقد بقيت أتشفع بك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والله لا حصل لك منى سوء أبدا، فالمولى يرسم والمملوك يمتثل، ومن اطلع عليه مولانا وله حاجة «١» من مضرور أو مظلوم ترسل إلى تعرفنى حتى أقضى حاجته بنفسى، واعتذر إليه، وبقى يعظمه، ولو فسح فى أجله لولاه القضاء بعد القاضى تاج الدين ولكنه مات قبله. وكانت وفاته فى مستهل شهر رجب سنة خمس وستين وستمائة. وقيل بل كانت وفاته فجأة فى تاسع الشهر، ودفن بسفح المقطم. ومولده فى النصف من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة بالجزيرة. ولما مات ترك ما يقارب ثلاثين ألف دينار، وكان له ابنتان: إحداهما بالجزيرة، والأخرى زوجة القاضى بدر الدين ولد القاضى تقى الدين بن رزين، «٢» فورثتاه وشركهما بيت المال، وكان رحمه الله كثير المروءة والإحسان الى أهل بلده ومن يقصده.
ذكر وفاة قاضى القضاة تاج الدين بن بنت الأعز «٣» ونبذة من أخباره رحمه الله ومن ولى قضاء الشافعية وغيره من مناصبه بعد وفاته
وفى السابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة خمس وستين وستمائة،