ألا إنما غادرت يا أمّ مالك ... صدى أينما تذهب به الريح يذهب
وأصبحت من ليلى الغداة كناظر ... مع الصبح في أعجاز نجم مغرّب
وذكر أصواتا كثيرة غير هذا تركنا ذكرها اختصارا.
قال: ولما خرج المعتصم إلى عمّوريّة استخلف الواثق. فوجّه الواثق إلى الجلساء والمغنّين أن يبكّروا إليه يوما حدّه لهم، ووجّه إلى إسحاق، فحضر الجميع.
فقال لهم الواثق: إنى عزمت على الصّبوح، ولست أجلس على سرير حتى أختلط بكم ونكون كالشىء الواحد، فاجلسوا معى حلقة، وليكن إلى جانب كلّ جليس مغنّ، فجلسوا كذلك. فقال الواثق: أنا أبدأ، فأخذ العود فغنّى وشربوا وغنّى من بعده، حتى انتهى إلى إسحاق وأعطى العود فلم يأخذه؛ فقال: دعوه. ثم غنوا دورا آخر؛ فلما بلغ الغناء إلى إسحاق لم يغنّ وفعل ذلك ثلاث مرّات. فوثب الواثق فجلس على سريره وأمر بالناس فأدخلوا؛ فما قال لأحد منهم: اجلس. ثم قال: علىّ بإسحاق. فلما رآه قال: يا خوزى «١» يا كلب، أتبذّل لك وأغنّى فتترفّع علىّ! أترانى لو قتلتك كان المعتصم يقيدنى بك! ابطحوه، فبطح وضرب ثلاثين مقرعة ضربا خفيفا وحلف لا يغنّى سائر يومه سواه؛ فاعتذر وتكلّمت الجماعة فيه؛ فأخذ العود، وما زال يغنّى حتى انقضى مجلسه. وللواثق بالله في الغناء أخبار وحكايات يطول بذكرها الشرح.
[ومنهم المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل على الله أبو الفضل جعفر.]
قال يزيد المهلّبىّ: كان المنتصر حسن العلم بالغناء، وكان إذا قال الشعر صنع فيه