وفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة عزل الوزير أبو الفضل العباس من وزارته في ذى الحجة، واستوزر محمد بن بقية، فعجب الناس من ذلك لأنه كان وضيعا في نفسه وهو من أهل أوانا «١» ، وكان أبوه من الفلاحين لكنه كان قريبا من بختيار، وكان يتولى مطبخه، ويقدم إليه الطعام، ومنديل الخوان على كتفه إلى أن استوزره، وحبس الوزير أبو الفضل، فمات عن قريب، واستقامت أمور ابن بقية، ومشت الأحوال بين يديه بما أخذه من أموال أبى الفضل وأصحابه، فلما فنى ذلك ظلم الرعية، فخربت، وزاد الاختلاف بين الأتراك، وبختيار، فشرع ابن بقية في إصلاح الحال بين بختيار، وسبكتكين، فاصطلحا، وركب سبكتكين إلى بختيار، ومعه الأتراك، ثم عاد الحال إلى ما كان عليه من الفساد. وسبب ذلك أن ديلميّا اجتاز بدار سبكتكين، وهو سكران، فرمى الروشن «٢» بزوبين في يده، فأثبته، فصاح سبكتكين بغلمانه، فأخذوه، وظن أنه وضع على قتله، فقرره، فلم يعترف، فأنفذه إلى بختيار، فأمر بقتله، فلما قتل قوى ظن سبكتكين أنه كان وضعه عليه، وأنه إنما «٣» قتله لئلا يذكر ذلك إذا قرره «٤» .