للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومنها ضبط أحوال الناس،]

كمناشير الجند، وتواقيع العمّال، وإدرارات أرباب الصّلات فى سائر الأعمال، إلى ما يجرى هذا المجرى، فكان وجودها فى سائر الناس فضيلة، وعدمها نقيصة إلا فى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فانها إحدى معجزاته لأنه صلّى الله عليه وسلم أمّىّ [أتى] «١» بما أعجز البلغاء، وأخرس الفصحاء، وفلّ حدّ المؤرّخين من غير مدارسة كتب ولا ممارسة تعليم، ولا مراجعة لمن عرف بذلك واشتهر به.

والكتابة العربية أشرف الكتابات لأن الكتاب العزيز لم يرقم بغيرها خلافا لسائر الكتب المنزّلة. وهذه الكتابة العربية أوّل «٢» من اخترعها على الوضع الكوفىّ سكّان مدينة الأنبار «٣» ، ثم نقل هذا القلم إلى مكة فعرف بها، وتعلّمه من تعلّمه، وكثر فى الناس وتداولوه، ولم تزل الكتابة به على تلك الصورة الكوفيّة إلى أيام الوزير أبى «٤» علىّ بن مقلة، فعرّبها تعريبا غير كاف، ونقلها نقلا غير شاف، فكانت كذلك إلى أن ظهر علىّ بن هلال الكاتب المعروف بابن «٥» البوّاب، فكمّل تعريبها، وأحسن تبويبها؛ وأبدع نظامها، وأكمل التئامها؛ وحلّاها بهجة وجمالا، وأولاها بل أولى بها منّة وإفضالا؛ وألبسها من رقم أنامله حللا، وجلاها للعيون فكان أوّل من أحسن فى ترصيعها وترصيفها عملا؛ ولا زال يتنوّع فى محاسنها، و «٦» يتنوّع فى ترصيع عقود