وفى سنة تسع وتسعين وستمائة، عزم طقطا على حرب نوغيه، واتفق أن جماعة من أمراء نوغيه الذين كان يعتمد عليهم فارقوه وانحازوا إلى طقطا. فقويت به شوكتهم، وكانوا فى ثلاثين ألف فارس. ولما تجهز طقطا اتصل خبره بنوغيه، فتجهز أيضا لحربه وخرج كل منهما للقاء الآخر. فلما صار بينهما مسافة يوم، أرسل نوغيه شخصا ومعه مائة فارس للكشف، فظفر بهم طقطا وقتلهم ونجا مقدمهم بمفرده. فأخبر نوغيه أن العسكر قد دهمه، فركب فيمن معه والتقوا على كو كان لك واقتتلوا، فكانت الكسرة على نوغيه فى وقت المغرب، فانهزم أولاده وعشائره وثبت هو على ظهر فرسه، وكان قد كبر وطعن فى السن، وتغطت عيناه بشعر حواجبه، فوافاه رجل روسى من عسكر طقطا وقصد قتله، فعرفه بنفسه وقال:
«أنا نوغيه فاحملنى إلى طقطا فلى معه حديث» . فلم يصغ الروسى لمقالته وقتله. وحمل رأسه إلى طقطا وقال:«هذا رأس نوغيه» .
فقال له:«ومن الذى أعلمك أنه نوغيه؟» فقص عليه القصة.
فآلمه ذلك، وأمر بقتل قاتله، وقال:«إن من السياسة قتله حتى لا يجترئ أمثاله على قتل مثل هذا الرجل الكبير» . ثم عاد طقطا إلى مقامه.