وجعل من ظفر منهم بشىء حمله إلى سفينته، فلما رآهم الزنج كذلك رجعوا إليهم فقتلوا منهم مقتله عظيمة «١» ، وكان جماعة من غلمان الموفّق قد قصدوا دار صاحب الزنج، فتشاغلوا بحمل الغنائم إلى السفن أيضا، فأطمع ذلك الزنج فيهم فكشفوهم واتبعوا آثارهم، وثبت جماعة من أبطال الموفّق فردّوا الزنج حتى تراجع الناس إلى مواقفهم، ودامت الحرب إلى العصر فأمر الموفّق غلمانه بصدق الحملة عليهم ففعلوا، فانهزم صاحب الزنج ومن معه وأخذتهم السيوف حتى انتهوا إلى داره أيضا، فرأى الموفّق أن يصرف أصحابه فردّهم، وقد استنقذوا جمعا من النساء المأسورات فحملن إلى الموفقيّة، وكان أبو العبّاس قد أرسل في ذلك اليوم قائدا فأحرق بيادر كانت ذخيرة لصاحب الزنج وكان ذلك مما أضعفه وأضعف أصحابه. قال: ثم وصل إلى الموفّق كتاب لؤلؤ غلام أحمد بن طولون يستأذنه في القدوم عليه، فأمره بذلك وأخّر القتال إلى أن يحضر.
[ذكر مقتل صاحب الزنج]
قال: ولما ورد كتاب لؤلؤ على الموفّق يستأذنه في الحضور إليه أذن له، وأحبّ أن يؤخر القتال إلى أن يحضر فيشهده، وكان لؤلؤ قد خالف على مولاه أحمد بن طولون، وكان في يده حمص وقنّسرين وحلب وديار مضر من الجزيرة وصار إلى بالس فنهبها، وكاتب الموفّق فى المصير إليه واشترط شروطا فأجابه الموفّق إليها، وكان بالرقة